الأربعاء، 10 يونيو 2015

حقوق الارتفاق والتحملات العقارية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام التامان الأكملان الأطهران على سيد الخلق وحبيب الحق الذي قال في الحديث الذي رواه عنه الإمام مالك في الموطأ مرسلا: "لا ضرر ولا ضرار" وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
تعتبر حقوق الارتفاق من أهم الحقوق العينية الأصلية بعد حق الملكية، وقد تناول هذه الحقوق فقهاء الإسلام بالتأليف والدراسة من حيث طرق إنشائها والأحكام المتعلقة بها من حقوق والتزامات، وكان لهم الباع الطويل في تناولها حيث يعتبرون مناطها "رفع الضرر" الذي هو من مقاصد الشرع الحنيف.
كما أن المشرع المغربي قد أولى هذه الحقوق أهمية بالغة من خلال تنظيمها بمقتضيات قانونية إذ خصص لها الباب الثاني من القسم الأول من الكتاب الأول من مدونة الحقوق العينية، وذلك في المواد من 37 إلى 78 من نفس القانون أعلاه.
فما مفهوم حق الارتفاق وكيف ينشأ؟ وما هي خصائصه وشروطه وأنواعه وأحكامه؟
ثم ما مفهوم التحملات العقارية؟ وكيف عالجها المشرع المغربي؟
هذه جملة من الأسئلة التي سنحاول الإجابة عنها من خلال هذا العرض حسب التصميم التالي:
الفصل الأول: الارتفاق مفهومه، خصائصه، شروطه، طرق إنشائه وأنواعه.
المبحث الأول: مفهوم الارتفاق وخصائصه وشروطه.
المبحث الثاني: طرق إنشاء الارتفاق وأنواعه.
الفصل الثاني: أحكام الارتفاق والتحملات العقارية.
المبحث الأول: أحكام الارتفاق.
المبحث الثاني: التحملات العقارية.
الفصل الأول: الارتفاق مفهومه، خصائصه، شروطه، طرق إنشائه وأنواعه.
سنعالج في هذا الفصل مفهوم الارتفاق وخصائصه وشروطه – المبحث الأول- ثم طرق إنشائه (مصادره) وأنواعه –المبحث الثاني-
المبحث الأول : مفهوم الارتفاق وخصائصه وشروطه.
سنتناول في هذا المبحث مفهوم الارتفاق (مطلب أول) وشروطه وخصائصه (مطلب ثاني)
المطلب الأول: مفهوم الارتفاق.
سنحاول في هذا المطلب توضيح مفهوم الارتفاق لغة (فقرة أولى) واصطلاحا (فقرة ثانية) وقانونا (فقرة ثالثة)
الفقرة الأولى: المفهوم اللغوي.
جاء في لسان العرب في مادة رفق: الرفق بكسر الراء ضد العنف، ورفق بالأمر وهو به رفيق: لطيف.
والمرفق: المتكأ والمخدة، وقد ترفق عليه وارتفق توكأ، وقد تمرفق إذا أخذ مرفقه. وبات فلان مرتفقا أي متكئا على مرفق يده. وترافق القوم وارتفقوا صاروا رفقاء.[1]
الفقرة الثانية: المفهوم الاصطلاحي.
عرفه الشيخ التسولي شارح التحفة بأنه:
إعطاء منافع العقار.[2]
الفقرة الثالثة: المفهوم القانوني.
عرف المشرع المغربي حق الارتفاق في المادة 37 من م.ح.ع بقوله: " الارتفاق حق عيني قوامه تحمل مقرر على عقار من أجل استعمال منفعة عقار يملكه شخص آخر"
وجعل الارتفاق حق عقار على عقار فيه نوع من التجوز في العبارة، فمما هو معروف من أن العلاقات االحقوقية تقوم بين الأشخاص الذين يملكون الأشياء ويستفيدون منها لا بين الأشياء نفسها.[3]
بناء على ما سلف فإن لحق الارتفاق خصائصا وشروطا.
المطلب الثاني: خصائص وشروط حق الارتفاق.
يتميز حق الارتفاق بخصائص (الفقرة الأولى) ويستوجب لقيامه توافر شروط (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: خصائص حق الارتفاق.
يمتاز حق الارتفاق بالخصائص التالية:
1-          حق عيني عقاري: وهو بهذا الاعتبار حجة على الكافة، ولا ينصب إلا على العقار.
2-          حق تابع: فحق الارتفاق لا ينفصل عن العقار بل يتبع العقار الخادم أو المخدوم وينتقل معه، ويجري عليه ما يجري على العقار من تصرفات، ويترتب على ذلك أنه إذا بيع العقار أو رهن شمل هذا البيع أو الرهن حق الارتفاق كذلك باعتباره من ملحقات العقار محل التصرف[4].
3-          حق دائم: وصفة الدوام تتأتى من كونه حقا تابعا. فما دام ضروريا للانتفاع بعقار فإنه مثله حق دائم، غير أنه يلاحظ أن صفة الدوام وغن كانت من طبيعة حق الارتفاق فإنها مع ذلك ليست من مستلزماته، وبالتالي فإنه يمكن تحديده بوقت معين[5].
4-          حق غير قابل للتجزئة:[6] فحق الارتفاق غير قابل للتجزئة، سواء من حيث أنشاؤه أو من حيث إنقضاؤه، وعلى ذلك فلا يصح ترتيب حق ارتفاق على عقار مملوك على الشيوع دون موافقة جميع الشركاء.
الفقرة الثانية: شروط حق الارتفاق.
من خلال المفهوم والخصائص الواردة أعلاه، يتبين أنه لقيام حق الارتفاق لا بد من توافر شروط وهي:
1-          أن يكون التكليف مقررا على عقار معين: فحتى نكون أمام حق ارتفاق لا بد من وجود عقار بطبيعته يتقرر عليه حق الارتفاق لأنه لا يتقرر إلا على العقار ولا يسوغ ترتبه على الأشخاص ولا على الأشياء المنقولة، ولو كانت عقارا بالتخصيص.[7]
2-          أن يكون التكليف مقررا لمنفعة عقار آخر معين: حيث إن المقصود من حق الارتفاق هو منفعة العقار المقرر له حق الارتفاق لا منفعة صاحب العقار. ولذلك يطلق على العقار المرتفق " العقار المخدوم أو المتسلط" وعلى العقار المرتفق به "العقار الخادم".[8]
3-          أن يكون العقار المرتفق والعقار المرتفق به لمالكين مختلفين:  فحق الارتفاق بطبيعته يقتطع من سلطة مالك أو يحد منها، وبالتالي لا يتصور أن يثبت هذا الحق إلا لشخص آخر غير المالك.[9]
إذ لو أن العقارين مملوكين لمالك واحد، لما كان ثمة ضرورة لإنشاء حق ارتفاق. ذلك أن حق الملكية يشمل انتفاع المالك بملكه بصورة مطلقة. فله أن يفعل ما يشاء في عقاراته، ويحدث ما يراه من ممرات أو مجاري أو مطلات ضمن نطاق ملكيته.[10]
المبحث الثاني: طرق إنشاء الارتفاق وأنواعه.
نتطرق في هذا  المبحث للحديث عن طرق إنشاء حق الارتفاق (مطلب أول) وأنواعه ( مطلب ثاني).
المطلب الأول: طرق إنشاء حق الارتفاق (مصادره).
نص المشرع المغربي على الطرق التي ينشأ بها حق الارتفاق في المادة 38 من م.ح.ع وحددها في:
الوضعية الطبيعية للأماكن (أولا) أو بحكم القانون (ثانيا) أو باتفاق المالكين (ثالثا)
أوّلاً: الارتفاقات الطبيعية.
ويقصد بها الارتفاقات التي تنشأ عن الوضعية الطبيعية للأماكن، وهذا ما نصت عليه المادة 39 من م.ح.ع والتي جاء فيها: "الارتفاقات الطبيعية تحمل تفرضه الوضعية الطبيعية للأماكن على عقار لفائدة عقار مجاور" ومن صورها حق المسيل أو الصرف الذي سيأتي بيانه في الأنواع.
ثانياً: الارتفاقات القانونية.
ويقصد بها التحملات التي يفرضها القانون على عقار، أي تلك التي يقررها القانون من غير أن يشترط رضاء مالك العقار المرتفق به.[11] ويمكن أن تقرر لمنفعة عامة أو خاصة، حسب نص المادة 40  من م.ح.ع.
والارتفاقات المقررة للمصلحة العامة كثيرة منها:
-الارتفاق المفروض لمصلحة الخطوط الهاتفية والأسلاك الكهربائية وكذا الارتفاقات المقررة لمصلحة المواقع الحربية والمنشآت العسكرية[12]. وكذا القيود المفروضة على الأراضي المجاورة للمطارات. وكذا الارتفاقات الخاصة بالتجزئات العقارية[13].
أما الارتفاقات القانونية المقررة للمصلحة الخاصة فهي:
حق الشرب وحق المجرى وحق المسيل أو الصرف وحق المرور وحق المطل. والتي سنعرض لها بنوع من التفصيل من خلال المطلب الموالي المتعلق بأنواع الارتفاقات.
ثالثاً: الارتفاقات الاتفاقية.
ويقصد بها تلك الارتفاقات التي يكون نشاط الانسان هو مصدر إنشائها. ذلك أنه يمكن لكل مالكين لعقارين أن يتفقا على إحداث ما يشاءان من ارتفاقات لصالح أحد العقارين على الآخر، وأن ينظما هذه الارتفاقات على الكيفية التي يحددانها في هذا الاتفاق.[14] وهذا ما نصت عليه المادة 41 من م.ح.ع.
المطلب الثاني: أنواع الارتفاقات.
حصر المشرع المغربي حقوق الارتفاق في خمسة حقوق، وذلك في المواد من 50 إلى 68 من م.ح.ع. وهذه الحقوق هي:
حق الشرب (أولاً) وحق المجرى (ثانياً) وحق المسيل أو الصرف (ثالثاً) وحق المرور(رابعاً) وحق المطل (خامساً).
أوَّلاً: حقّ الشِّرب.
ويعني لغة: النصيب من الماء[15] ومنه قوله تعالى : {قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}[16]
وعرفه المشرع المغربي من خلال المادة 50 من م.ح.ع. بقوله: "حق الشرب هو نوبة من الماء ينتفع بها لسقي الأراضي وما بها من غرس وشجر".
وحق الشِّرب على ثلاثة أقسام : عام وخاص ومشترك.
1-          حق الشرب العام: هو الذي يحق لكل إنسان الانتفاع به بأي وجه من وجوه الانتفاع مع التقيد بالنصوص  القانونية المتعلقة بنظام المياه. وهو ما نصت عليه المادة 51 من م.ح.ع.
2-          حق الشرب الخاص: وهو المخصص لمنفعة عقار بعينه، بحيث لا يجوز لأي أحد أن يتصرف فيه إلا برضى صاحبه. وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 52 من م.ح.ع.
غير أنه يحق للملاك المجاورين استغلال مورد الماء في ري أراضيهم في حالة ما إذا فضل عنه الماء (صاحب حق الشرب) أي بعد أن يستوفي حاجته منه. كما يتعين على الملاك الامجاورين الاشتراك في صيانة مورد الماء كل بحسب نسبة ارضه المنتفعة منه مع مراعاة القوانين والأنظمة الجاري بها العمل. وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 52 من م.ح.ع.
حق الشرب المشترك: وهو عندما يكون حق الشرب مشاعا بين عدة شركاء، بحيث لا يمكن لأي واحد أن يرتب عليه حقا للغير بدون موافقته جميعا. وهذا منطوق المادة 53 من م.ح.ع. كما أن الشركاء ملزمون بالإصلاحات الضرورية لمورد الماء، كل منهم بحسب نسبة أرضه المنتفعة، وإذا امتنعوا أجبروا بقوة القانون بناء على طلب أي واحد منهم. وهذا ما نصت عليه المادة 54 من م.ح.ع.
ثم إن حق الشرب ينتقل بانتقال ملكية العقار المنتفع به. وقد نصت على ذلك المادة 55 من م.ح.ع.
ثانياً: حق المجرى.
عرف المشرع المغربي حق المجرى في المادة 56 من م.ح.ع. بقوله: "حق الجرى هو الحق في تمرير ماء الري من مورده بأرض الغير للوصول به إلى الأرض المراد سقيها به وذلك عبر مجرى أو مواسير"
كما نصت المادة 28 من القانون رقم 95-10 المتعلق بالماء على أنه: " يمكن لكل من يريد استعمال مياهاً من التصرف فيها، الحصول على ممر لهذه المياه على الأرضي الوسيطة مقابل تعويض مسبق".
ويتضح من ذلك أنه لثبوت حق المجرى لا بد من تحقق البعد عن مورد المياه من ناحية، وأحقية المالك في التصرف في هذه المياه من ناحية ثانية، وأن يدفع تعويضا مقدماً إلى مالك الأرض التي تمر بها مياه المجرى من ناحية ثالثة.[17]
ويمنع على ملاك الأراضي منع من ثبت له هذا الحق من تمرير الماء بأراضيهم. وهذا ما نصت عليه المادة 57 من م.ح.ع.
كما أن مصاريف الصيانة من تعمير وإصلاح وترميم يتحملها المستفيد لوحده، وإذا امتنع عنها كان لمن لمن تضرر من أصحاب العقارات المرتفق بها الحق في التعويض. حسب نص المادة 58 من م.ح.ع.
كما أنه من حق المستفيد من حق المجرى الدخول إلى العقارات المرتفق بها إجراء الإصلاحات، ولا يمنع من ذلك، ومن منعه يتحمل مسؤولية الضرر الذي قد ينتج جراء منعه. وهذا ما نصت عليه المادة 59 من م.ح.ع.
ثالثاً: حق المسيل أو الصرف.
نظم المشرع المغربي هذا الحق بمقتضى المواد 60-63 من م.ح.ع ومفاده تلقي الأرض المنخفضة المياه السائلة من الأرض التي تعلوها ما لم تسهم يد الإنسان في إسالتها. ولا يسوغ لمالك الأرض المنخفضة منع هذا السيل ما دام طبيعياً ، ولا حق له في التعويض ما دام صاحب الأرض العالية لم يزد في عبء الارتفاق. (المادة 60 من م.ح.ع).
كما أن مياه الأمطار التي تنزل بأرضٍ، فإن لمالكها الحق في التصرف فيها دون إضرار بالغير، وإلا وجب عليه التعويض (المادة 61 من م.ح.ع). وكذا تصريف المياه الزائدة عن الحاجة أو غير الصالحة يشترط لتمريرها، أن تمر في مواسير حتى لا تسبب للعقار المرتفق به إلا أقل ضرر، وذلك مقابل تعويض مناسب. وهذا ما نص عليه المشرع المغربي من خلال المادتين 62 و 63 من م.ح.ع.
رابعاً: حق المرور.
عرفت مجلة الأحكام العدلية حق المرور بقولها: "حق المشي في ملك الغير".[18]
 فإذا كان العقار محصوراً عن الطريق العام فإنه يحق لصاحبه أن يطلب تعيين ممر في الأرض المجاورة، لتكون صلة وصل بين ذلك العقار والطريق العام.[19] وهذا ما نصت عليه المادة 64 من م.ح.ع.
وفي ذلك يقول الشيخ التسولي شارح التحفة: أو بطريق يمر عليها لحائطه أو دار أيضاً.[20]
ويشترط لفتح الممر شروط وهي:
1-          أن يكون العقار الذي يطلب صاحبه الممر لا منفذ له إلى الطريق العمومية أصلاً، أو لا يتوفر على منفذ كافٍ لاستغلال العقار.
2-          أن لا يكون انحصار العقار المخدوم ناتجاً عن صاحبه، وذلك كما لو أن مالك العقار قام بتجزئته، وباع أجزاءه التي تلي الطريق العمومية.
3-          أن يتقدم بطلب فتح الممر ، إما مالك العقار المحصورـ أو من يملك حقاًّ عينياً عليه.
4-          أن يدفع طالب الممر لمن فتح الممر في عقاره تعويضاً تقدره المحكمة على حساب الضرر الذي يلحق بالعقار الخادم.[21]
خامساً: حق المطل.
ويقصد به  حق المالك في فتح فتحات للتهوية أو لدخول الضوء، وقد اشترط المشرع لفتحها ضرورة توفر بعض الشروط، حتى لا تسبب مضايقات للجار، وتتعارض مع ضرورة توفير الحرية والسكينة لكل مالك في ملكه بعيداً عن أعين الغرباء المتطلعين وقد اعتنت مختلف التشريعات بتنظيمها –المطلات- وتحديد شروط فتحها[22] ،كما هو الحال بالنسبة للمشرع المغربي الذي ينص على أنه لا يجوز لمالك  العقار أن يفتح نوافذ أو شبابيك في حائط ملاصق لملك جاره إلا بإذنه (المادة 66 من م.ح.ع) وعلى مسافة مترين أو متر واحد (المادة 68 من م.ح.ع). أما إذا كان حق المطل مفتوحاً على ملك عام فإنه لا يجب التقيد بهذه المسافات المذكورة.



الفصل الثاني: أحكام الارتفاق والتحملات العقارية
إن الحديث عن أحكام الارتفاق والتحملات العقارية يتطلب منا تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين نتناول في المبحث الأول أحكام الارتفاق ثم سنخصص المبحث الثاني للحديث عن التحملات العقارية.
المبحث الأول : أحكام الارتفاق
القاعدة العامة التي تقررها المادتين 41/42 من  م ح ع هي خضوع حقوق الارتفاق إلى القواعد المقررة في سند إنشائها ، وكذا الأعراف المحلية، ومعنى دلك أنه إذا مصدر حق الارتفاق تصرف قانوني فإن هذا التصرف هو الذي يحدد طبيعة الحق ومداه ، وإذا كان مصدره تخصيص المالك الأصلي فإنه هو الذي يحدد أحكام حق الارتفاق ونطاقه ، وأحكام الارتفاق تتعلق بحقوق والتزامات مالك العقار المرتفق ومالك العقار المرتفق به مطلب أول  وأسباب انقضاء حقوق الارتفاق مطلب ثان.
المطلب الأول حقوق والتزامات مالكي العقارين.
ينشئ حق الارتفاق حقوقا والتزامات على كل مالك من مالكي العقارين سواء العقار المرتفق (الفرع الأول) أو المرتفق به (الفرع الثاني)
الفرع الأول : حقوق والتزامات مالك العقار المرتفق.
تثبت لمالك العقار المرتفق حقوق (الفقرة الأولى ) ويتحمل التزامات (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: حقوق مالك العقار المرتفق.
لصاحب العقار المرتفق أن يجري ما هو ضروري من الأعمال لاستعمال حق الارتفاق ، وما يلزم للحفاظ عليه وهذا ما أكدته المادة 44 من م ح ق حيث جاء فيها " يحق لصاحب حق الارتفاق أن يقوم بجميع الأعمال الضرورية لاستعمال حقه وصيانته...." فحق الارتفاق بالمرور يخول مالك العقار المرتفق الحق في رصف الطريق وتعبيده ليكون صالحا للمرور ،  وحق الارتفاق بالمجري على عقار الغير يخول صاحبه أن يحفر قناة تجري فيها المياه إلى أرضه[23] ويهدف المشرع من هذا المقتضى تدعيم فعالية حق الارتفاق ، بإعطاء مالك العقار المرتفق الوسائل اللازمة لاستعمال حقه[24] وينبغي أن تكون هذه الأعمال ضرورية لاستعمال الحق أما الأعمال غير الضرورية للاستعمال ولو كانت غير مضرة بالعقار المرتفق به فليس له إجراءها ، وليس له كذلك إقامة التحسينات ، وتقدير كل ذلك مسألة يفصل فيها قاضي الموضوع.
ويتقيد مالك العقار المرتفق  بشرط في مباشرته لهذه الأعمال وهو أن يكون الاستعمال بأقل ضرر ممكن فلا يجوز له أن يسلك في استعماله سبيلا مضر  إدا كان هناك سبيل أقل ضرر منه، فلو كان له مثلا حق مسيل  وكان إجراء المياه القارة بأنابيب من حديد أقل ضرر من استعمال أنابيب من فخار فإنه ملزم باستعمال الأنابيب الحديدية [25] وهذا الشرط هز ما أكدته الفقرة الأخيرة من المادة 44 من م ح ع
الفقرة الثانية: التزامات مالك العقار المرتفق
تقع على عاتق مالك العقار المرتفق نضير تمتعه بمزايا ومنافع  لارتفاق عدة التوامات غما بنص القانون أو بمقتضى العقد ، ومثال ذلك أداء تعويض مناسب مقابل حق الارتفاق[26] ، ومن بين الالتزامات الملقاة على عاتق مالك العقار المرتفق الالتزام بأداء نفقة الأعمال اللازمة لاستعمال حق الارتفاق وصيانته وهذا ما نصت عليه المادة 46 من م ح ع ، في فقرتها الأولى، هذا ما لم يوجد اتفاق يقضي بخلاف دلك ، لأن الأصل هو أن نفقات الأعمال اللازمة لاستعمال حق الارتفاق يتحملها مالك العقار المرتفق، إلا أنه إذا كانت هذه الأعمال نافعة أيضا لمالك العقار المرتفق به ، فتوزع هذه النفقات على الطرفين كل بنسبة ما يعود عليه من فائدة[27] ، حيث جاء في الفقرة الثانية من المادة 46 من م ح ع ،" إذا كان العقار المرتفق به ينتفع بدوره من تلك المنشآت فإن نفقات أعمال الصيانة تقسم بين الطرفين كل بنسبة ما يعود عليه من نفع" ومن التزامات مالك العقار المرتفق كذلك عدم تجاوز حدود الارتفاق وعدم الزيادة في عبء الارتفاق.
المطلب الثاني حقوق والتزامات مالك العقار المرتفق به
كما هو الشأن بالنسبة لمالك العقار المرتفق فإن م ح ع خولت لملاك العقار المرتفق به مجموعة من الحقوق وجعلت على عاتقه مجموعة من الالتزامات.

الفرع الأول: حقوق مالك العقار المرتفق به
إن حق الارتفاق هو خدمة يؤدها العقار المرتفق به للعقار المرتفق فيحد من منفعة الأول ، ويجعله مثقلا بتكليف لفائدة الثاني ، ولا يترتب على دلك حرمان مالك العقار المرتفق به من ملكه، فالارتفاق  لا يمنعه من ممارسة سلطاته على عقاره من استعمال واستغلال وتصرف[28] .
وأهم الحقوق التي يتمتع بها صاحب العقار المرتفق به هو حقه في تغير موضع الارتفاق ، وهذا ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 47  من م ح ع  حيث جاء فيها " غير أنه إذا صار الوضع الأول أشد كلفة على صاحب الملك المرتفق به ،........أمكنه أن يعرض على صاحب الملك الأخر مكانا بسهولة المكان الأول لاستعمال حقوقه ولا يمكن لهذا الأخير أن يرفض ذلك" .
الفرع الثاني: التزامات مالك العقار المرتفق به
يلتزم صاحب العقار المرتفق به هو الأخر بمجموعة من الالتزامات سواء أكانت هذه الالتزامات مقررة بالعقد المنشئ لحق الارتفاق ، والمنشأة بموجب القانون ، ويمكن أن نلخص هده الالتزامات فيما يلي:
أولا : الامتناع عن إعاقة استعمال حق الارتفاق
فرضت المادة 47 في فقرتها الأولى على صاحب العقار المرتفق به التزاما سلبيا وهو الامتناع  عن أي عمل يرمي إلى الانتقاص من استعمال حق الارتفاق أو جعله أكثر مشقة ، ويترتب على ذلك أن ليس لمالك العقار المرتفق به ، رغم كونه مالك أن يعرقل استعمال صاحب حق الارتفاق لحقه كأن يضع ما يمنع مرور الماء في المجرى أو أن يحرث الأرض المثقلة بارتفاق المرعى[29] ، وقد يكون هذا الالتزام عاما حيث يكون كل ما يطلب منه هو ان لا  يتعرض لمالك العقار المرتفق ، كما هو الحال في الارتفاقات الايجابية كحق المرور وحق المجرى ، وقد يكون خاصا بأن يقوم بمباشرة أعمال محددة يمنعها حق الارتفاق[30] ،
ثانيا: الامتناع عن تغيير موضع حق الارتفاق.
سبق القول على أن من حقوق مالك العقار المرتفق به تغير موضع الارتفاق ، إلا ان القاعدة هي أنه ليس لمالك العقار المرتفق به أن يغير أو يطالب  بتغير الوضع القائم أو أن يطلب تبديل الموضع المعين أصلا لاستعمال حق الارتفاق بموضع أخر وذلك حسب الفقرة الأولى من المادة 47 من م ح ع رغم أن المشرع استدرك هذا الأمر في الفقرة الثانية من نفس المادة، وفي جميع الأحوال لا يجوز لمالك العقار المرتفق به أن يغير الموضع الأصلي لحق الارتفاق من تلقاء نفسه ، بل يجب عليه أن يفاوض مالك العقار المرتفق في هذا التغير[31] .
ثالثا: الامتناع عن إزالة حق الارتفاق بسبب تجزئة العقار
حق الارتفاق حق لا يقبل التجزئة ، ويترتب على ذلك أنه إذا جزء العقار المرتفق بقي الارتفاق مستحقا لكل جزء منه على أن لا يزيد ذلك من العبء الواقع على العقار المرتفق به، فإذا كانت أرضا زراعية لها حق المجرى مثلا وتجزأت إلى عدة قطع فذلك يفضي إلى تأميم حق المجرى لكل منها ، وليس لصاحب العقار الذي عليه حق المجرى أن يعارض في استفادة أجزاء العقار من المجرى لان هدا الحق لا يمكن إزالته [32] .
المطلب الثاني: أسباب انقضاء حق الارتفاق
حق الارتفاق مثل غيره من الحقوق العينية كما له أسباب لإنشائه له أيضا أسباب لانقضائه، وقد أشار ابن عاصم إلى ذلك بقوله.
والحد في ذلك إن حدا اقتفى          وعد في إطلاقه كالسلف
ومعنى هذا أن حق الارتفاق إذا حدد بأجل معين فلا ينتهي إلا إذا مضى ذلك الأجل أما إذا أطلق ولم يقيد بمدة معينة فيعتبر كالسلف ويترك المدة اللازمة للانتفاع به حسب العرف والعادة[33].
وقد ورد في المادة 69 من  م ح  ع
ينقضي حق الارتفاق بأحد الأسباب الآتية:
بانتهاء الأجل المحدد له
بالتنازل عن حق الارتفاق ممن له الحق فيه
باجتماع العقارين في يد مالك واحد
بصيرورة العقار المرتفق أو العقار المرتفق به في وضعية لا يمكن معها استعمال هذا الحق
بهلاك العقار المرتفق أو العقار المرتفق به هلاكا كليا
بزوال الغرض الذي أحدث من اجله
وفيما يلي تفصيل لكل سبب على حدا:
أولا : انتهاء الأجل المحدد.
سبق القول بأن من خصائص حق الارتفاق الدوام ولكن هذا لا يعني أنها من مستلزماته، فيجوز باتفاق خاص توقيته بمدة محددة ينقضي بانقضائها الا اذا اتفق على تجديدها [34] ، ومن أمثلته أن يتم النص في الوصية التي أنشأت حق الارتفاق على أن يدوم هذا الحق مدة معينة وينتهي بانقضائها[35].
ثانيا : التنازل عن حق الارتفاق
إذا تنازل صاحب العقار المرتفق عن ارتفاقه فإن هذا الارتفاق ينتهي ويتطهر العقار الخادم بصفة نهائية سواء كان هذا التنازل بعوض أو بدونه [36] ، والتنازل قد يكون ضمنيا أو صريحا ، ومن أمثلة التنازل الضمني أن يشهد صاحب حق الارتفاق على عقد بيع واقع على العقار المرتفق به وقد ورد في شروط البيع أن العقار المبيع خال من أي حق ارتفاق، وذلك دون أن يتحفظ صاحب حق الارتفاق[37].
ثالثا: باجتماع العقارين في يد مالك واحد
الارتفاق حق عيني قوامه تحمل مقرر على عقار من أجل استعمال أو منفعة عقار يملكه شخص أخر المادة 37 من م ح ع
فإذا أصبح العقاران المرتفق والمرتفق به مملوكين لشخص واحد انقضى الارتفاق[38]، ومن أمثلته تملك صاحب العقار المخدوم العقار الخادم وكذا تخلي المالك للعقار الخادم عن هذا العقار لمالك العقار المخدوم تفاديا لأداء ما يلزمه من مصروفات الارتفاق التي تقع على كاهله[39].


رابعا: استحالة استعمال الارتفاق
ينقضي حق الارتفاق إذا أصبح استعماله مستحيلا بسبب تغير حدث في العقارين[40]، فإذا كان الارتفاق ارتفاق بالمطل مثلا وهدم المنزل المرتفق فان هدمت بهدمه النافدة التي كانت تطل على العقار المرتفق به فإن حق الارتفاق ينتهي لاستحالة استعماله بسبب تغير حدث في العقار المرتفق[41] .
خامسا: هلاك أحد العقارين هلاكا كليا
ينقضي حق الارتفاق كذالك إذا هلك العقار المرتفق  أو العقار المرتفق به، إذ يصبح استعمال الحق غير ممكن والهلاك قد يكون ماديا وهذا نادر كما لو تأكل العقار نتيجة جريان النهر أو كما لو غمرت المياه الأراضي المقرر لهل أو عليها حق الارتفاق فينقضي هذا الحق لزوال محله،والنوع الثاني من الهلاك هو الهلاك القانوني ، وهو الغالب ومن أمثلثه نزع ملكية العقار المرتفق به للمنفعة العامة، ويشترط في الهلاك الذي ينقضي به حق الارتفاق أن يكون كليا ، أما إذا كان هلاك أحد العقارين جزئيا فلا ينقضي لأنه يظل ممكن في الجزء الباقي من العقار[42].
سادسا: زوال الغرض الذي أحدث من أجله
يجوز التحرر من حق الارتفاق إذا فقدت كل منفعة للعقار المرتفق ، أو أصبحت فائدته محدودة لا تتناسب البتة مع العبء الذي يلقيه على العقار المرتفق به [43]، ومن أمثلثه إذا كان الارتفاق حق مرور ثم أصبح للعقار المرتفق نتيجة فتح شارع جديد سبيل أخر إلى الطريق العام أقرب وأيسر ، جاز لمالك العقار المرتفق به أن يطلب تحرير عقاره من حق الارتفاق ولو بدون موافقة مالك العقار المرتفق[44].
المبحث الثاني: التحملات العقارية
لقد خصص المشرع المغربي من خلال مدونة الحقوق العينية، الفصل الثاني من الباب الثاني للحديث عن التحملات العقارية وذلك من خلال المواد من 70 إلى 78.
وبالقراءة المتأنية لهذه المواد نلاحظ أنها تعالج مسألة التحملات العقارية من خلال أمرين أساسين هما ، ضرر قائم يلزم دفعه، وضرر مستقبل الوقوع ويلزم منعه، وسنتناول هذين الأمرين من خلال مطلبين ، نتحدث في الأول عن إزالة الضرر القائم وفي الثاني  عن منع الضرر المستقبلي.
المطلب الأول: إزالة الضرر القائم
من المعروف أن الشريعة الإسلامية أقرت مبدأ منع المالك من التعسف في استعمال حقه، وهذا المبدأ يقضي بأنه لا يجوز لأي مالك أن يستعمل ملكه استعمالا يضر بغيره ، ولو لم تتجه نية المالك إلى إحداث ذلك الضرر[45].
وكتب الفقه المالكي تزخر بالعديد من الأمثلة التي تؤكد هذا البدأ، حيث جاء في تبصرة الحكام لابن فرحون : من أحدث عليه ضرر من اطلاع أو فتح ، أو كوة منع من ذلك، وكذلك لو أحدث نصبة يطلع منها على جاره منع[46].
قال ابن عاصم:
ومحدث ما فيه للجار ضرر        محقق يمنع من غير نظر
كالفرن والباب ومثل الأندر         أو ماله مضرة بالجدر
فمن بنا في داره فرنا أو حماما او كبر حداد أو صانع ، مما يضر دخانه بجاره فيمنع منه[47] ، فالجار لا يلزم بالصبر على ضرر جاره سواء وقع الضرر بقصد أو بغير قصد، فكل تصرف من شانه إلحاق ضرر بالغير لزم إزالته، ويشطرة  في الضرر الموجب لإزالته أن يكون غير مؤلوف أما الضرر المؤلوف فلا يلزم بإزالته.
وبالرجوع إلى المادة 71 من  م ح ع نجدها قد نصت على معاير تحديد الضرر غير المؤلوف حيث جاء فيها:  " ليس للجيران أن يطالبوا بإزالة مضار الجوار المؤلوفة التي لا يمكن تجنبها ، وإنما لهم أن يطالبوا بإزالة التي تتجاوز الحد المألوف على أن يراعى في ذلك العرف وطبيعة العقارات وموقع كل منها بالنسبة للأخر والغرض الذي خصصت له "
وقد جاء في أحد قرارات المجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا عدد 2139  الصادر بتايخ 10 ماي 2011: "لا يجوز للجيران المطالبة بإزالة الأضرار الناشئة عن الالتزامات العادية للجوار كالدخان وغيره من المضار التي لا يمنك تجنبها والتي لا تتجاوز الحد المؤلوف".[48]
ومما نص الفقهاء على اعتباره ضرراً غير مؤلوف ويلحق ضرراً بالجوار : فتح المطلات على عقار الجار كما سبق ذكر ذلك
قال ابن عاصم
وإن يكن تكشفا فلا يقر        بحيث الأشخاص تبين والصور
ونذكر في هذا الصدد أن المالكية يرون أن الجار يمنع من فتح كوة يشرف منها على ما في دار جاره أو أسطوانه أو بستانه الذي يتردد عليه بأهله ولو في بعض الوقت[49].
ومما شهدت البينة بأنه من الضرر وانه يلزم إبعاده حتى لا يقلق راحة السكان ويضر بهم، ما استجد من أمر المعامل والمصانع بجميع أنواعها نظرا لما تسببه أدخنتها ونفاياتها وأصواتها من أضرار تلزم إزالتها ، وهذا ما نصت عليه المادة 77 من م ح ع ، ثم إن الضرر الذي تلزم إزالته ليست محصورة في الضرر الخاص بل تتعداه إلى إزالة الضرر العام أيضا، وذلك ما نصت عليه المادتين 73/74 من م ح ع حيث جاء فيهما ما مضمونه ، أن للجار أو من له مصلحة في المطالبة بدفع الضرر الناتج عن سوء امتداد أغصان الأشجار فوق أرض الجوار  أو على جنبات الطريق بقطعها أو المطالبة بقطعها.
قال ابن عاصم:
وكل ما خرج عن هواء       صاحبها يقطع باستواء
والحكم في الطريق حكم الجار       في قطع ما يؤدي من الجار
المطلب الثاني: منع الضرر المستقبلي.
يقول ابن عاصم
 ومحدث ما فيه للجار ضرر      محقق  يمنع من غير نظر
فالضرر يمنع سواء كان قائما أو متحقق الوقوع فيلزم التوقي منه ودفع أسبابه ، وجلبا للأمن والاستقرار وتماشيا مع قاعدة سد الذرائع نجد المادة 71 السالفة الذكر تحدد طبيعة الضرر الذي تجوز المطالبة بزواله.
أما ما يرتبط بمجال الغرس فنجد المادة 72 تقيد المالك بعدم غرس أشجار أو شجيرات أو أغراس على حدود أرضه دون مراعاة المسافة التي تحددها الأنظمة  في حال وجودها ن أما في عدم وجودها فقد نص على تحديد المسافة بحسب نوع المغروسات ، فإذا كانت المغروسات مما يفوق علوها مترين لزم غرسها على مسافة مترين من الحد ، ونصف متر إذا كانت دون ذلك،  وهذه المسافة لا يلزم الغارس بالتقيد بها في حالة وجود حائط على الحدود ، شريطة ألا تعلو الأغراس قمة الحائط م 72 .
كما أجازة المادة 78 لمالك العقار الذي يخشى لأسباب واقعية كحدوث شقوق في البيت نتيجة الأعمال المجاورة للعقار أن يطالب من مالك العقار باتخاذ ما يلزم لمنع حدوث الضرر ، كما له الحق في المطالبة بوقف الأشغال ودلك عن طريق رفع دعوى لدى القضاء ألاستعجالي.


الخاتمــــــــة:
وختاماً يمكننا القول بأن حق الارتفاق يعتبر اليوم عنصر أساسيا في التنظيم  القانوني للملكية العقارية سواء تعلق الأمر بالأراضي الحضرية أو القروية ، كانت مبنية أم لا، فهو يسهل استعمال العقارات، ويقدم الوسيلة المثلى لنمو الانتفاع الاقتصادي بتخصيص عقار معين لخدمة عقار أخر.
ومما يلاحظ أن حق الارتفاق يترتب في معظم الأحيان على عقارين متجاورين  ولهذا اهتم الفقهاء المسلمون بتنظيم العلاقة بين الجيران وبينوا حدود المالك في الانتفاع بملكه حتى لا يضر جاره ، معتمدين في ذلك على قاعدة أساسية بنيت عليها جميع الحقوق التي أقرتها الشريعة الإسلامية وهي قوله صلى الله عليه وسلم  " لا ضرر و لا ضرار ".
وفي عصرنا الحاضر وفي غياب الوازع الديني وتغليب المصلحة الخاصة ، وبالرغم من وجود نصوص قانونية تنظم حق الارتفاق وتحدد مجاله، فإن هذا الحق أصبح يشكل سبباً من أسباب النزاعات التي تقوم بين الجيران، خصوصاً فيما يتعلق بحقي المرور والمطل، وغير ذلك من أنواع الارتفاقات ، وفي غالب الأحيان تنشب هذه الخصومات في الأحياء والمباني التي تحدث بشكل غير قانوني ، دون الاعتماد على تصاميم معينة ، حيث يحاول كل مالك استغلال ملكه دون مراعاة مصلحة الآخرين.





[1]  ابن منظور: لسان العرب ج:10 ص:118
[2]  أبو الحسن علي بن عبد السلام التسولي:البهجة في شرح التحفة. تحقيق : محمد عبد القادر شاهين. الطبعة: الأولى 1418 هـ - 1998م دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت ج:2 ص:413.
[3]  الدكتور، محمد بن معجوز: الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي. الطبعة الثانية 1419هـ/1999م.   ص: 418
[4]  المرجع السابق: ص: 420
[5]  المرجع السابق: ص:421
[6]  محمد مومن: حقوق الارتفاق في القانون المغربي. الطبعة الأولى 2002. المطبعة والوراقة الوطنية – مراكش. ص: 64
[7]  الدكتور مأمون الكزبري: التحفيظ العقاري، والحقوق العينية الأصلية والتبعية ج:2 ص:578
[8]  نبيل ابراهيم سعد : الحقوق العينية الأصلية أحكامها – مصادرها: ص:222
[9]  مأمون الكزبري:م.س ج:2 ص:254
[10]  نفسه
[11]  محمد مومن: حقوق الارتفاق في القانون المغربي. ص: 146
[12]  ينظمها ظهير 25 ربيع الثاني 1353ه (7 غشت 1934)
[13]  مفروضة بمقتضى المادة 30 من القانون رقم 90-25
[14]  ابن معجوز: م.س ص: 428
[15]  أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير. المكتبة العلمية - بيروت ج:1 ص: 308
[16]  سورة الشعراء الآية : 155
[17]  محمد مومن: م.س ص 184
[18]  مجلة الأحكام العدلية: تحقيق نجيب هواويني. المادة:142 ص: 32

[19]  ابن معجوز: م.س ص : 423
[20]  أبو الحسن علي بن عبد السلام التسولي: م.س ج:2 ص: 413
[21]  ابن معجوز: م.س ص: 424
[22]  محمد مومن: م.س ص: 196
[23]  محمد طه البشير و غني حسون طه: الحقوق العينية الأصلية والتبعية. بدون طبعة وبدون تاريخ ، نشر وزارة التعليم العالي والبحت العلمي العراق ، الجزء الأول، ص 332
[24]   محمد مومن: م.س ص: 90
[25]  محمد طه البشير و غني حسون طه: م.س ص: 333
[26]  محمد مومن: م.س ص: 101
[27]  محمد طه البشير و غني حسون طه: مرجع سابق ص: 334
[28]  محمد مومن: م.س ص: 109
[29]  محمد طه البشير و غني حسون طه مرجع سابق ص 334
[30]   محمد مومن: م.س ص: 119
[31]   عبد الرزاق أحمد السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ،  1968م ، دار النهضة العربية نالجزء 9 ص 1385
[32]  محمد طه البشير وغني حسون طه مرجع سابق ص 335
[33]  ابو الحسن علي بن عبد السلام التسولي:م.س ،الجزء الثاني، ص 355
[34]  محمد طه البشير وغني حسون طه : م.س ص 336
[35]  عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ص 1391
[36]  محمد ابن معجوز:م.س ص 438
[37]  السنهوري :م.س ص 1404
[38]  محمد طه البشير وغني حسون طه: م.س  ص 336
[39]   ابن معجوز: م.س ص 438
[40]  محمد طه و غني حسون: م.س ص 337
[41]  السنهوري: م.س ص 1400
[42]  محمد طه و غني حسون مرجع سابق ص 336
[43]  السنهوري : م.س  ص 1402
[44]  محمد طه وغني حسون مرجع سابق ص 338
[45]   ابن معجوز : م.س ص: 74
[46]  برهان الدين بن فرحون: تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام. ط 1423ه / 2003م دار عالم الكتب. ج:2  ص 259
[47]  أبي القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي الملكي: القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية ، تحقيق محمد بن سيدي محمد مولاي، بدن طبعة بدون دار النشر ص: 509
[48]  في الملف المدني عدد 4631/5/2010 ، منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد 74 ص 133
[49]   ابن معجوز: م.س ص 91

صفحتنا على الفيس بوك